نُشرت هذه المقالة في الأصل باللغة الإنجليزية في نوفمبر 5 2022
بعد خمسة وسبعين عاماً من تصويت الأمم المتحدة على إنشاء وطن لليهود على جزء من الأرض الفلسطينية المُدارة في ظل الانتداب البريطاني، من المقرر أن يشكل بنيامين نتنياهو حكومة مؤلفة من أكثر القوى رجعية في البلاد ، بما في ذلك الفاشية والعنصرية. إن حزب الصهيونية الديني هو الآن ثالث أكبر حزب في الكنيست المكون من 120 مقعداً.
إنه معلم تاريخي في الأزمة والمسار اليميني للدولة الصهيونية.
ستتألف حكومة نتنياهو من عنصريين من الأحزاب الدينية والقومية المتطرفة التي تعهدت بالتفوق اليهودي وتنفيذ إجراءات مرادفة للفصل العنصري. وتهدف هجماتهم الشرسة على الفلسطينيين إلى إخراجهم من حدود إسرائيل المعترف بها دولياً ومن الأراضي التي احتلتها بشكل غير قانوني منذ حرب حزيران / يونيو 1967 بين العرب وإسرائيل ، في تحد للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة التي لا تعد ولا تحصى.
أحد المرشحين لمنصب رفيع هو إيتمار بن غفير، زعيم فصيل القوة اليهودية داخل الصهيونية الدينية. بن غفير، وهو مناهض شديد للعرب يحرض بانتظام على العنف ضد الفلسطينيين ويهتف 'الموت للعرب' ، واجه العشرات من تهم توجيه خطاب الكراهية.
وهو اعتاد تعليق صورة في غرفة معيشته للإرهابي الأمريكي الإسرائيلي باروخ غولدشتاين ، الذي قتل في عام 1994، 29 فلسطينياً وجرح 125 آخرين أثناء أداء الصلاة في الخليل ، فيما أصبح يعرف بمجزرة الحرم الإبراهيمي. لم هو يغفر لرئيس الوزراء إسحاق رابين توقيعه اتفاقيات أوسلو ، التي تم تقديمها على أنها إيذانا بدولة فلسطينية صغيرة ، حيث قال في عام 1995 ، قبل أسبوعين من اغتيال رابين ، 'وصلنا إلى سيارته وسنصل إليه أيضا ، 'بعد أن سرق زخرفة سيارة من كاديلاك رابين.
بن غفير هو من نصب نفسه على أنه تلميذ للفاشي الأمريكي المولد مئير كهانا ، الذي تم حظر حركته في إسرائيل وأعلنتها الولايات المتحدة منظمة إرهابية.
تتضمن أجندة الصهيونية الدينية الحكم الإسرائيلي على الضفة الغربية ، وطرد من تسميهم المواطنين الفلسطينيين 'غير الموالين' في إسرائيل ، الذين يشكلون 20 في المئة من سكان البلاد ، وهدم المسجد الأقصى لإفساح المجال لبناء هيكل يهودي ، وفرض القانون الديني وتدمير النظام القضائي.
في الشهر الماضي ، وصف ياكوف كاتس ، رئيس تحرير صحيفة جيروزاليم بوست، بن غفير بأنه 'النسخة الإسرائيلية الحديثة من العنصري الأمريكي الأبيض والفاشي الأوروبي'. وحذر كاتس من أن الحكومة التي تضمه 'ستأخذ ملامح الدولة الفاشية'.
هنأت إدارة بايدن نتنياهو على فوزه،على الرغم من خلافها معه. ويوم الخميس ، اتصل السفير الأمريكي لدى إسرائيل توم نيديس بنتنياهو ، وغرد بعد فترة وجيزة: 'اتصال جيد الآن مع بنيامين. لقد هنأته على فوزه وقلت له إنني أتطلع إلى العمل معا ًللحفاظ على الرابطة غير القابلة للقطع بين إسرائيل والولايات المتحدة.
كما سارع قادة اليمين المتطرف في أوروبا إلى الترحيب بعودته إلى السلطة.
وبدوره هنأ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نتنياهو ، مغرداً أنه يأمل في فتح 'صفحة جديدة بالتعاون' مع الحكومة القادمة ، في إشارة إلى رفض الحكومة السابقة إرسال تكنولوجيا القبة الحديدية الإسرائيلية وأنظمة متقدمة أخرى إلى أوكرانيا في محاولة للحفاظ على العلاقات مع روسيا.
وإليكم بعض ردود الفعل من المعاقل اليمينية الأخرى مثل رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان ، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلون ، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي التي لم تتأخر في تهنئة نتنياهو.
إن تحول إسرائيل الصريح إلى سياسة التفوق اليهودي والإرهاب الفاشي يكشف بدقة عن محاولات مساواة معارضة الدولة الإسرائيلية بمعاداة السامية. ففي الواقع ،و من خلال تبني برنامج التطهير العرقي ، القائم على المفاهيم الإقصائية للهيمنة العرقية والدينية واللغوية ، و مماهاة هذا البرنامج مع الشعب اليهودي ، فإن الطبقة الحاكمة الإسرائيلية توفر أساساً لاثارة المعادية للسامية على المستوى الدولي.
وقد وقع هذا الأسبوع ، أكثر من 240 ناخباً يهودياً أمريكياً في بيتسبرغ خطاباً يدين لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (AIPAC) ، المتحالفة بشكل وثيق مع كل من نتنياهو ودونالد ترامب ، لإنفاقها ملايين الدولارات لدعم أكثر من 100 مرشح جمهوري الذين صوتوا لإلغاء انتخابات عام 2020 ، بما في ذلك 'المشرعون الذين روجوا لمؤامرة' الاستبدال العظيم 'المعادية للسامية التي ساعدت في إلهام مقتل أحد عشر عضواً من المعابد اليهودية الثلاثة الموجودة في منطقة شجرة الحياة' ، التي تقع في بيتسبرغ.
إنها مفارقة مأساوية في التاريخ أن نفس النوع من القومية 'العرقية والدم' التي استخدمتها الفاشية الألمانية لإبادة 6 ملايين يهودي يتم استخدامها اليوم من قبل الطبقة السائدة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين ، بينما تستخدم من قبل أولئك الذين يسعون مرة أخرى إلى تأجيج كراهية 'الغرباء' و 'أنصار العدمية القومية' لاستهداف الشعب اليهودي.
أما داخل إسرائيل نفسها ، فستترافق الهجمات المتصاعدة على الفلسطينيين باعتداء متصاعد على الحقوق الاجتماعية والديمقراطية لجميع العمال ، اليهود والفلسطينيين على حد سواء ، فيحين يقوم نتنياهو بقمع المعارضة السياسية نيابة عن الأثرياء في إسرائيل.
كيف يتم تفسير هذا؟ هناك بالطبع إفلاس المعارضة الاسمية وهي ظاهرة عالمية. كان نتنياهو قادراً على الاستفادة من فشل القوى 'التقدمية' في 'حكومة التغيير' التي قادها بينيت ولابيد لطرح أي بديل للتخفيف من التفاوت الاجتماعي الذي يعد من أعلى المعدلات في مجموعة الدول المتقدمة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. كما عكس هذا الفشل موقفها الطبقي الذي يعطي الأولوية لمصالح الأوليغارشية في إسرائيل على مصالح الطبقة العاملة ، اليهودية والفلسطينية.
والأهم من ذلك ، فإن التحول إلى السياسات العنصرية العلنية متجذر في عاملين رئيسيين: الأزمة الحادة للدولة الصهيونية ومنطق الصهيونية نفسها.
لقد كان إنشاء وطن لليهود على أسس مزدوجة من التطهير العرقي ضد الفلسطينيين الذين عاشوا هناك بالفعل والدولة الرأسمالية بمثابة يوتوبيا رجعية ، كما أوضحت الأممية الرابعة في عام 1947.
فمع نمو الفجوة بين الأغنياء والفقراء ، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى السياسات الاقتصادية المطلوبة لتنفيذ مثل هذا البرنامج ، زادت الدولة من اعتمادها على المستوطنين اليمينيين والمتشددين القوميين المتطرفين ، الذين قدموا الأساس لظهور الميول الفاشية داخل إسرائيل. كما تم تشجيع القومية المتطرفة لتحويل الغضب المتزايد على مستويات المعيشة المتدهورة وعدم المساواة الاجتماعية على أسس رجعية.
إنه لأمر مزعج أن قسماً من الشعب اليهودي ، الذي ارتبط منذ فترة طويلة بالحركات التقدمية وكان ضحية أسوأ جريمة في التاريخ ، يدعم الأحزاب السياسية التي لا يمكن وصفها إلا بالفاشية. و هذا نتاج البيئة السياسية السامة في إسرائيل ، التي لطالما كانت رأس جسر للإمبريالية الأمريكية في الشرق الأوسط.
ومع ذلك ، فإن هذه النظرة الرجعية غير مقبولة عالمياً. وقد سعت الطبقة العاملة الإسرائيلية مراراً وتكراراً إلى إيجاد مخرج من هذا الصراع الرهيب و إيجاد طريق نحو السلام مع الفلسطينيين. لكن القيام بذلك يعني تجديد الثقافة الاشتراكية والأممية التي لعب فيها العمال والمفكرون اليهود مثل هذا الدور المركزي في حقبة سابقة.
ففي ديسمبر من عام 1938 ، كتب ليون تروتسكي ببصيرة عميقة:
من الممكن أن نتخيل دون صعوبة ما ينتظر اليهود بمجرد اندلاع الحرب العالمية المستقبلية. ولكن حتى بدون حرب ، فإن التطور التالي لرد الفعل العالمي يدل على وجه اليقين على الإبادة الجسدية لليهود ... والآن أكثر من أي وقت مضى ، يرتبط مصير الشعب اليهودي ، ليس فقط مصيره السياسي ولكن أيضاً مصيره المادي، ارتباطاً لا ينفصم بالنضال التحرري لـ البروليتاريا العالمية. فقط التعبئة الجريئة للعمال ضد الرجعية ، وخلق ميليشيا عمالية ، والمقاومة الجسدية المباشرة للعصابات الفاشية ، وزيادة الثقة بالنفس ، والنشاط والجرأة من جانب كل المضطهدين يمكن أن يحدث تغييراً في علاقة القوى ، ويوقف موجة الفاشية العالمية ، ويفتح فصل جديد في تاريخ البشرية.
بدأت انتفاضة جديدة للطبقة العاملة في جميع أنحاء العالم ، مما يشير إلى الطريق إلى الأمام للعمال اليهود والعرب على حد سواء في شكل نضال موحد للإطاحة بالدولة الصهيونية واستبدال الأنظمة البرجوازية العربية الرجعية ، وتشكيل الولايات المتحدة الاشتراكية في الشرق الأوسط. هذا هو المنظور الذي تناضل من أجله اللجنة الدولية للأممية الرابعة (ICFI). إنه يتطلب بناء أقسام من اللجنة الدولية للأممية الرابعة في إسرائيل وعبر الشرق الأوسط لتوفير القيادة السياسية اللازمة لخوض هذا النضال ضد الرأسمالية ومن أجل الاشتراكية.