عمت مصر في الأيام الأخيرة موجة جديدة من الإضرابات والاحتجاجات ضد المجلس العسكري المدعوم من أمريكا. فقد دخل الطلبة والأطباء وعمال البريد والمدرسين وقطاعات أخرى من الطبقة العاملة في اعتصام مفتوح،واعلن عن احتجاجات أخرى أكبر. وهناك دعوة لإضراب عام في أول أيام العام الدراسي، يوم 17 سبتمبر.
وبعد خلع الدكتاتور حسني مبارك المدعوم من أمريكا، ظهرت جليا قوة الطبقة العاملة في حشد المعارضة ضد الدكتاتورية، وتبددت الأوهام بأن الجيش هو "حامي الثورة" وراعي "التحول الديموقراطي". يُرى المجلس الأعلى للقوات المسلحة الآن كامتداد لنظام مبارك.
وأعلن حكام مصر العسكريون يوم الأحد توسيع قانون الطوارئ، الذي كان إلغاؤه مطلباً مركزياً من مطالب الثورة، ويهدد المجلس العسكري أيضاً بتطبيق قانون منع الإضرابات والاعتصامات الذي اصدره في الربيع الماضي لكنه لم يجرؤ على تنفيذه.
الهجوم على المحتجين عند السفارة الإسرائيلية يوم الجمعة-ما اسفر عن مقتل ثلاثة وإصابة اكثر من ألف في الاقتحام الذي عقب المباحثات مع مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين-سلط الضوء على دور المجلس العسكري كعميل للإمبريالية. مصر وإسرائيل،معا، هما أكبر مستفيد من المعونة الأمريكية للخارج، وكان الجنرالات الحاكمين في مصر يعملون عن قرب مع إسرائيل والولايات المتحدة لعقود.
الإحتجاجات المتواصلة ألقت الضوء على الهوة السياسية التي تفصل الطبقة العاملة عن كل الأحزاب السياسية القائمة.كل هذه القوى بما فيهم الإسلاميون والليبراليون واليساريون المزيفون، كلهم ينشرون الاوهام عن الجيش، مدعون أن جنرالات مبارك سيؤسسون الديموقراطية أو العدالة الإجتماعية. الغرض من هذه الأكاذيب هو نزع سلاح الطبقة العاملة،لمنعها من بناء منظماتها وأحزابها، وبذلك تحرم من الكفاح من أجل خلع المجلس العسكري والاستحواذ على السلطة في يدها.
وخلف دعم هذه الأحزاب للجيش تكمن مصالح مادية واجتماعية عميقة. انهم يرون في المجلس العسكري عمودا فقريا للدولة الرأسمالية المصرية، ومدافع عن حقوق المحظوظين من الطبقة الحاكمة.بينها أبرز أحزاب الطبقة المتوسطة، وأحزاب اليسار الزائفة مثل الحزب الاشتراكي المصري،وحزب العمال الديموقراطي، الاشتراكيون الثوريون. وكلهم يصدرون انتقادات بلا أنياب للمجلس العسكري بينما يسعون لهداية المعارضة الشعبية الي طريق مسدود عبر النداء غير المجدي لتعديل سياساته.
وهم معادون بقوة للإطاحة بالمجلس العسكري و للنضال من أجل حكومة عمالية. خلال الجولة الأخيرة من النضال في يونيو، أصدر حزب الاشتراكيون الثوريون بياناً يعارض بوضوح المطالب العامة بـ"ثورة ثانية" و لمنع الإطاحة بالمجلس العسكري، دخلت جماعات اليسار الزائف فيما يسمى "الجبهة الشعبية الموحدة" مع الاسلاميين و الليبراليين ، ممهدة الطريق لفض احتجاجات ميدان التحرير يوم 1 أغسطس.
هذه الجماعات لا علاقة لها بالسياسة الإشتراكية، إنهم يمثلون ،شريحة صغيرة وغنية ،منهم صحفيون ومحاضرون في الجامعات، يسعون للاندماج داخل النظام السياسي المسيطر. ويعمل قادتها في الصحافة الدولية، ويغازلون الإخوان المسلمين والمنظمات البرجوازية الأخرى، ويستطيعون الحصول على الدعاية والأرباح بالسهولة.ويريدون الآن تمويل بناء "نقابات تجارية مستقلة" بأموال أُعطيت من قبل حكومات غربية ومنظمات مجتمع مدني، وكذلك لخلق بيرورقراطية جديدة لتعرقل كفاح العمال.
تظهر تجربة الثورة المصرية أن مطالب اعمال من أجل العدالة الإجتماعية والحقوق الديمقراطية الأصيلة لا يمكن نحقيقها إلا من خلال كفاح ثوري واعي ضد المجلس العسكري وكل المدافعين عنه.والمنظور الوحيد القابل للتطبيق لحركة الاضراب هو توسيعها لتصبح إضراب عام من أجل اسقاط المجلس العسكري واحلاله بحكومة عمالية تطبق السياسات الإشتراكية.
وبينما ينزلق العالم الرأسمالي في أكبر أزمة مالية منذ الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي، فالظروف لكفاح عالمي من أجل الإشتراكية لا تصبح اكثر مواتياً فحسب بل التنظيم من أجل هذا الكفاح يظهر اكثر و اكثر كمهمة عملية. من المستحيل حل كل المشاكل التي أثارتها الثورة المصرية في مصر وحدها.
تتحرك الطبقة العاملة في العالم كله في كفاح ضد الطبقة الحاكمة. في إسرائيل، قامت الطبقة العاملة باحتجاجات ضخمة ضد بنيامين نتانياهو، وبشكل أكثر خصوصية، ضد سيطرة أقلية من الميلياديرات على الحياة الإسرائيلية. وقد بدأ العمال الإسرائيليون في مد الأيادي لإخوتهم العرب في كفاح مشترك من أجل الديموقراطية والحقوق الإجتماعية.
وفي أوروبا، يناضل العمال والشباب ضد السياسات التقشفية المدمرة التي فرضتها الحكومات التابعة بشكل تام للأسواق المالية، وقام العمال الأمريكيون هذا العام باحتجاجات ضخمة في ويسكونسن مستلهمة جزءيا من احتجاجات ميدان التحرير ضد الاقتطاعات الاجتماعية.
وفي نفس الوقت، وأصبح دفع الإمبريالية العالمية نحو الحرب و الرجعية الاجتماعية مفضوحا. ففي غرب مصر، يعين الناتو نظاما عميلا في ليبيا لينهب البلاد لصالح الشركات الغربية ولكي يعمل كقاعدة للتآمر ضد الثورات. استجاب نظام نتنياهو لانفجارالمظاهرات والكفاحات الكبرى في كل من مصر وإسرائيل برفع التوتر مع كل من تركيا ومصر.
يجب على العمال المصريون بناء منظماتهم المستقلة الخاصة من أجل الكفاح،لكي يخوضوا كفاحهم الثوري و يناشدوا العمال في العالم التضامن الطبقي الثوري معهم.
خلال ثورة 1917 في روسيا، أسست الطبقة العاملة، تحت تأثير حزب لينين وتروتسكي البلشفي، (المجلس) السوفييتي كأداة تنفيذية للحكومة الثورية. وقاد البلشفيون الطبقة العاملة المنظمة لخلع الحكومة المؤقتة البرجوازية وإنشاء حكومة عمالية.
و في غياب منظمات عمال و حزب ثوري مثل هذه تمكنت البرجوازية حتى هذه النقطة من الاحتفاظ بالسلطة والتحكم في قوى الإنتاج، واعداد ثورة مضادة. أصعب مشكلة هي بناء قيادة ثورية جديدة في الطبقة العاملة لتعبئ كفاحها بوعي ثوري وبرامج وإستراتيجيات عالمية.
والتيار الوحيد الذي يقدم هذا المنظور هو اللجنة العالمية للأممية الرابعة، التي تدافع عن ميراث ليون ترتسكي ونظرية الثورة الدائمة ضد خيانات الستالينية والديموقراطية الإجتماعية للماركسية. نحن نحث العمال للكفاح من أجل بناء فرع اللجنة العالمية للأممية الرابعة من أجل إقامة الولايات المتحدة الإشتراكية في الشرق الأوسط، كجزء من ثورة العالمية الإشتراكية.
تمّ تعريب هذا المقال من الإنكليزيّة. يحثّ الموقع الإلكترونيّ للاشتراكيّة العالميّة (WSWS) القرّاء في مصر وجميع أنحاء المنطقة على توزيع مقالاتنا والنضال في سبيل الاشتراكيّة. للاتصال بـWSWS، أنقروا هنا. وللإطّلاع على مزيد من المقالات في اللغة العربيّة، انقروا هنا